Tuesday 22 March 2011

An Article I read and liked

الجابري والاعراب نظرة ورأي



رباح حسن الزيدان
الحوار المتمدن - العدد: 3313 - 2011 / 3 / 22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع


الأعتداد بالعقل ليس ببعيد عن العرب بأنفسهم المتأثرة بالبيئة المقفرة التي أحاطت بهم .
فلا يوجد أمام العربي سوى الصحراء والسماء التي تدفعه الى النظر والتفكر .
يقول أبن المقفع عن العرب بأنهم : "اهل بلدٍ قفرٍ ووحشة من الأنس , أحتاج كل منهم في وحدته الى فكره ونظره وعقله" . وهو انما قال ذلك ليدل به على ان العرب لهم الأفضلية على الأمم .
فهم لا ينقلون العلم عن أحد , انما يعتمدون جميعاً على ومضات بصائرهم , أي أن العربي لا يحيا في الاشياء بل يحيا معها . وهو في أنفصاله هذا عن الأشياء , تراه يلحظها ويدون صفاتها كما يرصد الصانع عدته , لا كما يؤاخي الصديق صديقه .
لذلك كان الاعرابي هو صانع العالم عند الجابري . فالعربي يحب لغته الى درجة التقديس , ويعتبر السلطة التي لها عليه تعبيراً ليس فقط عن قوتها بل عن قوته هو أيظاً .
وتتحدد هوية العربي بفصاحته أيظاً وليس بمجرد العقل . ومن الناحية التاريخية , فأت أول عمل علمي منظم مارسه العقل العربي هو جمع اللغة العربية ووضع قواعد لها .
وقد جُمعت مادتها في عصر التدوين من أفواه الأعراب الذين بقوا الى ذلك العصر منعزلين لم يتعكر صفو لسانهم بالاختلاط بسكان المدن والحضر .
لذا فأن لسان العرب لابن منظور وهو أضخم موسوعة في اللغة العربية , لا ينقل الينا على ضخامة حجمه , اسماء الاشياء الطبيعية والصناعية ولا المفاهيم النظرية , وانواع المصطلحات التي عرضها عصره , القرن السابع والثامن للهجرة .
ذلك أن الثمانين الف مادة لغوية التي يضمها قاموس ابن منظور لا تخرج عن دائرة حياة ذلك الأعرابي الذي كان بطل عصر التدوين . ويحدثنا التاريخ ان بعض الاعراب قد أحترفوا بيع بضاعتهم من الكلام , وان بعضهم الاخر رحلوا الى البصرة أو الكوفة للاقامة فيها كرواة للغة .
من كل ذلك يميز الجابري صفتين للغة العربية : لا تاريخيتها وطبيعتها الحسية . تعني الاولى ان اللغة العربية تعلو على التاريخ ولا تستجيب لمتطلبات التطور . اما الثانية , فأن جمع اللغة من الاعراب دون غيرهم , معناه جعل عالم هذه اللغة محدوداً بحدود عالم أولئك الاعراب . ولما كان هؤلاء يحيون حياة الفطرة والطبع , أي يحيون حياة حسية أبتدائية , فلقد كان لا بد من ان ينعكس ذلك على تفكيرهم وبالتالي على اللغة التي جمعت منهم وقيست بمقاييسهم . ويقول الجابري ان الكلمات العربية ذات أصول في الطبيعة وان مبدأ الصحة فيها قد تعين من قبل الفطرة لا من قبل العرف والعادة .
وكما ان الاعرابي هو صانع العالم العربي ومصدر اللغة الفصيحة , فإنه ايظاً مصدر العقل العربي في التأمل والنظر . فالاعرابي حر ولا يقبل السلطة من غيره , واصبح العقل حراً يتقيد بالحقائق التي يكتشفها ويعدّها مطلقة . وقد ساعدت البيئة البدوية المفتوحة على الارض والسماء على هذا الاطلاق بسبب تهيئتها للظروف الملائمة للتأمل الفكري .
ويرى الجابري أن ما يميز العقل بوصفه عقل الثقافة العربية الاسلامية هو أن العلاقات داخله تتمحور حول ثلاث اقطاب : الله , الانسان , الطبيعة .
والطبيعة هي التي تقوم بدور المعين للعقل البشري على أكتشاف الله وتبين حقيقته . ففي الثقافة العربية الاسلامية يطلب من العقل أن يتأمل الطبيعة ليتوصل الى خالقها : الله .
وهناك في الثقافة اليونانية الاوروبية يتخذ العقل من الله وسيلة لفهم الطبيعة أو على الأقل ضامناً لصحة فهمه لها .

No comments:

Post a Comment